ما هي العوامل المؤثرة في علم نفس النمو؟

من بين الفروع العديدة لعلم النفس، يركز علم نفس النمو (بالإنجليزية: Developmental Psychology) على دراسة مختلف أشكال التطور والتغير الذي يشهده الإنسان خلال مراحل حياته المختلفة، مثل مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة، ومن عدة جوانب، بما في ذلك الجوانب العاطفية، والاجتماعية، والجسدية، والفكرية،^[١] وبناءً على هذا، يَعتبر علم نفس النمو أنّ هناك عددًا من العوامل التي تؤثر على نمو الإنسان من مختلف الجوانب، والتي نستعرض بعضًا من أبرزها في النقاط التالية:^[٢][٣]

الغذاء

لا يمكن إنكار العلاقة الوثيقة بين نمو الإنسان خلال مراحل حياته وبين الغذاء، الذي يعتبر المصدر الأساسي لتزويد الإنسان بالطاقة، التي تدعم عملية نموه الجسدي والعقلي، كما أنّ الغذاء هو ما يزود الإنسان بالأحماض الأمينية التسعة التي لا يستطيع الجسم إنتاجها، وتعتبر ضرورية لنموه، ولا مصدر لها إلا الغذاء، والتي تشمل كلاً من: فينيل ألانين (بالإنجليزية: Phenylalanine)، ليوسين (بالإنجليزية: Leucine)، اللايسين (بالإنجليزية: Lysine، إيزوليوسين (بالإنجليزية: Isoleucine)، ميثيونين (بالإنجليزية: Methionine)، التريبتوفان (بالإنجليزية: Tryptophan)، فالين (بالإنجليزية: Valine)، الهستيدين (بالإنجليزية: histidine)‏، الثريونين (بالإنجليزية: Threonine)،^[٤] كما أنّ افتقار جسم الإنسان لأي واحدٍ من هذه الأحماض يسبب توقف النمو أو حدوث مشاكلٍ فيه وفي القدرات العقلية عند الإنسان، ومن الأمثلة على هذه المشاكل: قصر القامة، والهزال، وقلة القدرة على الاستيعاب.^[٥]

الوراثة والجينات

يتأثر نمو الإنسان بالجينات التي يرثها من والديه، ولا يقتصر تأثير هذه الجينات على الخصائص الجسدية، كالوزن، وبنية الجسد، والطول، والملامح الخارجية، مثل الشعر ولون العينين، بل يطال تأثيرها أيضًا الخصائص النفسية، التي من الأمثلة عليها الجوانب الإبداعية، ومستوى الذكاء، وحتى الشخصية، ومن الجدير ذكره أنّ الجينات الموروثة تؤثر أيضًا على الإنسان في حال وجود اضطراباتٍ فيها، فقد تؤدي لولادته مصابًا بأمراضٍ وراثية، مثل القزامة، المعروفة أيضًا بحالة لا تصنع الغضروف (بالإنجليزية: Achondroplasia)، كما أنّ الجينات تلعب دورًا في تأخر نضج الإنسان أو حصوله في وقتٍ مبكر من حياته.^[٥]

نوع الجنس

يلعب نوع الجنس دورًا مهمًا في التأثير على نمو الإنسان وتطوره خلال مراحل حياته المختلفة، ويتمثل هذا في الاختلاف الواضح في النمو بين الذكور والإناث؛ فطبيعة الجسد وبُنيته تختلف بين الرجال والنساء، كما أنّ الإناث يكون معدل النمو الجسدي لديهن أسرع من الذكور خلال مرحلة المراهقة.^[٥]

العوامل البيئية

البيئة هي أحد العوامل الأخرى التي تؤثر على نمو الإنسان؛ حيث تقوم بتشكيل قدراته وشخصيته من خلال ما تفرضه عليه، وتكون طبيعة هذا التشكيل هي نفس ما يكتسبه الإنسان منها؛ إيجابيًا كان أم سلبيًا، أو مُحفزًا أم مُثبطًا، ولفهم تأثير عامل البيئة على الإنسان، نعرض المثال التالي، والذي نفترض فيه أنّ هناك طفلاً قد ورث من والديه موهبةً فطريةً ما، فنية أو موسيقية أو غيرها، ولكنه عاش في بيئة لم يدرك فيها أهله موهبته أو يقدروها، أو لم يكونوا قادرين على دعمها بسبب أيٍ من الظروف المختلفة؛ الأمر الذي يعيق من نمو وتطوير هذه الموهبة لديه بسبب البيئة التي نشأ فيها، والتي كانت مثبطة وذات تأثير سلبي.^[٥]

التعليم

إنّ انخراط الإنسان في التعليم وتلقيه له، إلى جانب تدربه على المهارات المختلفة التي ترفع من مستوى قدراته، ولا سيما في المراحل المبكرة من حياته، يعتبر من العوامل التي تسهم في شكلٍ مباشر في نموه الفكري والنفسي، ومن الضروري في هذا السياق التنويه إلى أنّ التعليم باعتباره أحد العوامل المؤثرة في علم نفس النمو يحتاج إلى توفير البيئة المناسبة، التي تتمثل في إمكانية الوصول إليه، وتوفير وسائل الدعم المختلفة للمتعلمين، كي ينموا من قدراتهم وشخصياتهم.

العوامل الاجتماعية والاقتصادية

إنّ طبيعة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي ينشأ فيها الإنسان تؤثر على نموه الجسدي والمعرفي؛ فالأسر ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المتدني لا تكون قادرة على توفير الاحتياجات الضرورية لأطفالها والتي تدعم نموهم بشكلٍ عام، بما في ذلك الغذاء، والبيئة المناسبة التي تنمي شخصياتهم ومواهبهم، والاحتياجات المهمة الأخرى، مثل العناية الطبية، على عكس العائلات ذات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عالية المستوى، التي تكون قادرة على توفير كل ما يلزم أطفالها من هذه الاحتياجات وأكثر؛ الأمر الذي يمنح الأفراد المنتمين لمثل هذه العائلات فرصًا للإنجاز والتفوق، مقارنة بالأفراد المنتمين للعائلات محدودة الدخل.^[٥]