يعرَف علم النفس بأنه العلم الذي يُعنى بدراسة السلوك الإنساني (بالإنجليزية: Human Behavior) والعمليات العقلية؛ التي يشاراليها بأنها الإدراك، والتعلم، والتفكير ثم التذكر، والوصول إلى حل المشكلة، وينقسم السلوك الى قسمين، الأول هو السلوك الملاحظ: وهو السلوك الذي يمكننا التعرف عليه من خلال المشاهدة أو الملاحظة، كالحديث والحركة، والثاني هو السلوك غيرالملاحظ: وهوالسلوك الذي لا يمكننا التعرف عليه من خلال المشاهدة أو الملاحظة، كالألم، والحزن، والجوع.


قامت مدارس علم النفس على دراسة الظواهر النفسية والسيكولوجية لدى البشر، فاتفقت على السلوكيات والملاحظات المستمدة من دراساتها، ولكنها اختلفت في تعليل هذه السلوكيات وتأويلها. ومن أهم هذه المدارس ما يلي:


المدرسة البنائية

ترى البنائية أن علم النفس يبحث في تأثير الشعورفي التأقلم والتكيف مع البيئة المحيطة، وبالتالي لابد أن نهتم ونلاحظ ما يحدث في البيئة المحيطة بالانسان ليتسنى لنا فهم الشعور، فالإحساس بالفرح أو الحزن مرتبط بما يحدث في البيئة المحيطة.[١]


نشأتها: أول من أنشأ مختبرًا لعلم النفس هو (فلهلم فونت) في جامعة ليبتزج في ألمانيا عام 1879، لتحليل الخبرة الشعورية إلى العناصر الحسية الأساسية، وكان يتبع المنهج الاستنباطي. بدأ العلماء بالتخلي عن المدرسة البنائية لأنهم يرون أن منهجها غيرعملي وأن علم النفس يجب أن يدرس ويركزعلى مشكلات الحياة اليومية.


الانتقادات الموجهة لها: لم يكن تفسيرها للعمليات العقلية موفقًا، فاعتبرها بعض الباحثون مجموعة لهذه المدركات (تفسير بنائي فيزيائي)، كما اعتمادت على منهج التأمل الباطني، والمتأمل بتأثيرالذاتية.


المدرسة الوظيفية

اهتم علم النفس الوظيفي بدراسة وظائف العقل من حيث استخدامه في تكيف الكائن الحي مع بيئته، وركز على العمليات العقلية ووظيفتها.[١]


نشأتها وروادها: من أشهر رواد المدرسة الوظيفية هو وليم جيمس، وهو داعم لنظرية الانتخاب الطبيعي لداروين، يرى جيمس بأن وظيفة التفكير تتجلى في إحداث سلوك مفيد.


الانتقادات:

  1. ملاحظة الفرد للخبرة الشعورية، تؤدي للتغيير من طبيعة الشعور.
  2. استخدام عملية الاستبطان لتحليل عملية عقلية مختلفة يؤدي في أغلب الأحيان إلى نتائج مختلفة.
  3. عدم إمكانية وصول الملاحظين للنتائج التي قد أن يصل اليها أحد الملاحظين الآخرين.
  4. طريقة الاستبطان حددت الكثير من مجالات البحث في علم النفس وعدم إمكانية دراسة الخبرة الشعورية للأطفال.


وعلى الرغم من الاختلاف القائم بين العلماء، إلا أنهم اتفقوا على الاهتمام بدراسة وظائف الكائن الحي في البيئة وذلك تزامناً مع اهتمامهم بتطبيق علم النفس في الميادين المختلفة. وأشار جيمس إلى أن الانسان يمتلك الإحساس والشعور، والقدرة على التفكير، كما رفض فكر النظرية البنائية، ويرى عدم إمكانية تحليل الخبرة الشعورية إلى أجزاء تخضع لعوامل وقوانين ميكانيكية.[١]


المدرسة السلوكية

نشأت هذه المدرسة في أوائل العشرينات في أمريكا على يد جون واطسون، الذي رأى أنه لكي يصبح علم النفس حقيقيًا، يجب أن يركز على معيار واحد يمكن لجميع العلماء مشاهدته وملاحظته، وارتأى بأن يكون هذا المعيار هو سلوك الكائن الحي. ولقد عرّف واطسون علم النفس بأنه: الدراسة العلمية للمنبهات والسلوك الذي تثيره. ينكر واطسون وجود الاستعدادات الموروثة، ويؤكد على دور العوامل البيئية في التعلم وتكوين العادات. كما يرى واطسون أن الكائن الحي يكتسب سلوكه بحتمية بيئته لا بفعل عوامل داخلية.[١]


نشأتها وروادها: نشأت المدرسة السلوكية في أوائل القرن العشرين في أمريكا، ومن أبرز روادها وأهمهم:

  1. جون واطسون: وقد أشار إلى أن علم النفس هو فرع تجريبي بحت من العلوم الطبيعية.
  2. إيفان بافلوف: يعد بافلوف مؤثرًا في أفكار واطسون مؤسس المدرسة السلوكية.
  3. إدوارد ثورندايك: وهو من أهم الباحثين في علم نفس الحيوان، ومن الأوائل الذين درسوا علم النفس في أمريكا.
  4. بورهوس سكينر: وهو من أشهر العلماء وأكثرهم تأثيرا في علم النفس الأمريكي.


مدرسة الجشطالت

جاءت معارضة لكل من السلوكية والبنائية، حيث بينت أن الخطأ يكمن في تقسيم العمليات الى أجزاء، وأن الخبرة النفسية في كلتيها تختلف عن الأجزاء التي تتكون منها. ورأت أن العديد من صور التنظيم النفسي هي صور فطرية وليست متعلمة على عكس ما جاء به واطسون، كان انتشارالجشطالتية في أوروبا وأمريكا، ولقد تركت أثراً واضحاً في مجال الإدراك الحسي، أثرت الفلسفة التي تؤكد على أهمية العمليات العقلية وفاعليتها وخضوعها لقوانين موجودة مسبقًا.[١]


رواد مدرسة الجشطالت: رائد هذة المدرسة هو فيرتيمير، ومن أتباعه كهلر وكوفكا.


الانتقادات:

  1. حل المشكلات التي تواجهها بمجرد تحويلها إلى مسلمات علمية.
  2. اتسام بعض مفاهيمها بالغموض.
  3. الاشتغال بالتنظير دون البحث العلمي.
  4. لا تخضع نتائجها للفحص التجريبي والتحليل الاحصائي.


المدرسة الغرضية

تؤكد مدرسة الغرضية على أهمية الغرض في تفسير وتحليل السلوك، وذلك يميز السلوك الحيوي عن الحركة الآلية لغير الأحياء، قد يكون الغرض واضحاً أو غير واضح في ذهن الكائن الحي؛ لكنه يبقى مهما له وذو قيمة بيولوجية. لم ينكر رائد هذه المدرسة "وليم مكدوجل" أياً من طرق وأساليب البحث في علم النفس، ولم ينكر أيضًا أية مدرسة من المدارس الأخرى أو حتى آرائها. بل اعتمدت مدرسة الغرضية على الطريقة التجريبية في البحث.[١]


النشأة والرواد:

صاحب نظرية الغرائز، ورائد مدرسة الغرضية هو( وليم مكدوجل ).


الانتقادات:

  1. الاختلاف حول عدد ونوعية وطبييعة الغرائز.
  2. تعتمد على التكوينات العينية.
  3. لم تفعل شيئًا سوى أنها وضعت السلوك الإنساني في أوضاع متشابهه ومتماثلة.
  4. أن الغرائز قد تظهر في مجتمعات وقد لا تظهر في مجتمعات أخرى.
  5. توجيه نقد لمكدوجل من حيث ربطه لكل غريزه بإنفعال معين.


لماذا سميت بالغرضية؟ سميت بهذا الاسم لأنها تؤمن بأن سلوك الكائن الحي يهدف إلى تحقيق غاية أو غرض معين، والذي يؤدي إلى تحقيق ذلك الغرض هو وجود الدافع والرغبة في داخل الكائن الحي.[١]


المدرسة التحليلة

جاء "سيجموند فرويد" ليتخذ اتجاهًا ذاتيًا في تكوين نظرية جديدة في الشخصية، استمدها من المرضى النفسيين ومعالجته لهم، في الوقت الذي كان به علم النفس في أوروبا وأمريكا حريصا على الإتجاه الموضوعي، شبه فرويد النفس بجبل من الجليد يظهر منه جزء بسيط، وينبغي أن يهتم بدراسة ذاك الجزء المختفي، فسمى الجزء الظاهر بالشعور، والمختفي باللاشعور. أكد فرويد على السنوات الأولى من حياة الطفل، حيث تتكون بها العديد من الدوافع اللاشعورية، والتي تنشأ نتيجة للكبت والضغط المستمرين وهذه السنوات بدورها تؤثر على حياة الفرد المستقبلية.[١]


رواد المدرسة التحليلية: من أهم رواد ومؤسسين المدرسة التحليلية هو الطبيب النمساوي سيجموند فرويد.


الاتنقادات

1. التوكيد على الدوافع الجنسية، كونها محركات قوية للسلوك الإنساني.

2. عدم المقدرة على التحقق من العديد من نظرياته.

تعد المدرسة التحليلية من المدارس الأكثر شيوعًا لدى عامة الناس، ولقد سبقت العديد من المدارس كالسلوكية والجشطالت، بالرغم أنها عاصرت المدرستين البنائية والوظيفية، إلا أن ضعف هذه المدارس جعل التحليلية تتربع على عرش علم النفس.


الملخص:

إن علم النفس يدرس ويحلل ويلاحظ السلوك البشري، كما يدرس علماء الطبيعة والفيزياء الظواهر المختلفة في الطبيعة، فهم يحاولون دراسة وتحليل مكونات النفس البشرية. لذلك تعددت مدارس علم النفس وتعددت أساليبها، لتستطيع دراسة الجوانب النفسية والسلوك الإنساني، وملاحظته وتحليله.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د بديع عبد العزيز القشاعلة، مدارس علم النفس، صفحة 20-45. بتصرّف.