مفهوم اللاوعي في علم النفس

اللاوعي (أو العقل الباطن) في علمِ النفس هو مجموعة الأنشطة الذهنيّة التي تحدث وتستمرّ داخل عقل الفرد دون وعيٍ منه،[١] ووفقًا لسيجموند فرويد -مؤسّس علم النفس الحديث- يُمكنُ تصوُّر عقلِ الإنسان بتشبيهِهِ بجبل جليديّ مغمور نصفُه في الماء، حيث يُشكّل الجزء ما فوق الماء الإدراك الواعي، والجزء المغمور بالماء الإدراك اللاواعي.[٢]


إنّ بإمكانِنا أن نرى الجزء الصغير الذي يقع فوق الماء، لكنّنا لا نرى ما يشكّل الجزء الأكبر من الجبل وهو العقل اللاواعي، ذلك يعني أنّ المعلومات التي تشكّل وعيَنا هي قمّة الجبل، أمّا بقيّة المعلومات فإنها تقع تحت السّطح، ولا يمكن الوصول إليها من خلال الوعي، لكنّها ما تزال تؤثّر على سلوكِنا.[٢]


على صعيدٍ آخر، طوّرت كثيرٌ من مدارس علم النفس وجهات نظرها حول الوعي؛ إذ يرى علماء النفس العصبيّ أنّ الوعي متجذّر في الأنظمة العصبيّة والهياكل العضويّة في الدّماغ، ويدرس علماء النفس المعرفيّ الوعي وفقًا لفهمهم لعلوم الكمبيوتر، بينما يرى علماء النفس الاجتماعيّ أنّ الوعي هو عبارة عن نتاج التأثير الثقافيّ الذي يعيشه الإنسان.[٣]


نظرية العقل اللاواعي عند فرويد

يعتقد سيجموند فرويد أنّ غرائز الإنسان ودوافعه ورغباته موجودة كلّها في العقل اللاواعي، مثل: غرائز الحياة التي يُسمّيها الغرائز الجنسيّة، وهي الغرائز المتعلّقة بالرغبة في البقاء على قيد الحياة، وغرائز الموت التي تشمل مشاعر الخوف والخطر والعدوان والصّدمة.[٢]


هذه الغرائز يُقصيها العقل الواعي كونه يعتبرها غير عقلانيّة وغير مقبولة، وقد اقترح فرويد أن يتعلّم الإنسان آليّات دفاعيّة مختلفة ليمنع هذه الغرائز الموجودة في اللاوعي من وصولِها إلى العقل الواعي،[٢] كما يرى أنّ هذه الغرائز تُؤثّر بشكلٍ ما على سلوكِ الإنسان دون أن يُدرك حتّى ذلك، وأنّ الأحلام وزلّات اللسان هي إحدى الشّواهد التي تُمثّل محتوى العقل اللاواعي التي تهدِّدُه بمواجهته المباشرة.[١]


أنكرَ كثيرٌ من المنظّرين اعتقادَ فرويد هذا، ومنهم الطّبيب والفيلسوف وعالِم النفس التجريبيّ فيلهلم فونت، ورأوا أن يحصروا دراسة العقل على اعتبارِه إدراكًا واعيًا بالكليّة، إلّا أنّ نظريّة فرويد ما تزال راسخة وحاضِرة وقيد الطّرح في علم النّفس الحديث.[١]


مستويات العقل اللاواعي

قسّم فرويد مستويات العقل إلى ثلاثةٍ أساسيَّةٍ تتوافق مع أفكارِه حول الأنا والأنا العُليا والهويّة، وهي:[٣]

  • الوعي: يشمل كلَّ المعلومات التي نُدركها عن أنفسنا ونعرفُها عن محيطِنا.
  • ما قبل الوعي: يشملُ كلّ ما نعرفُه لكنّنا لا نسترجعُه إلّا إذا رغبنا بذلك، مثل الذّكريات، أيْ أنّها الأفكار التي تكون لا واعية بلحظةٍ معيّنة من السؤال، لكنّها متاحة للتذكّر والاسترجاع.
  • العقل الباطن: يشملُ كلّ الأشياء الخارجة عن العقل الواعي، مثل الذكريات والدّوافع الجنسيّة والمحفّزات التي لا ندركُها.


تقنيات الكشف عن محتوى العقل اللاواعي

يرى فرويد أنّه يمكن الوصول إلى العقل اللاوعي من خلال التقنيات الآتية:[٢]

  • الارتباط الحرّ: بأن تطلب من أحد المرضى أن يسترخيّ ويسرد كلّ ما بذهنه سردًا حرًّا دون اعتبارٍ لمدى أهميّة أو تفاهة أو إحراج ما يقوله.
  • تفسير الأحلام: باعتبار أنّ الأحلام منفذ سريّ يعبّر عن الدّوافع المكبوتة وشكل من أشكال تحقيق الرّغبات.
  • كبت الفلاش المستمرّ: بأن تُعرَض مجموعة صور على أشخاص ويُطلب منهم تقييمها، وقد أظهرت الأبحاث أنّ الأشخاص يُقيِّمون هذه الصّور بشكل سلبيّ أكثر عندما تتضمّن صورًا غير مرغوب فيها؛ من حيث أنّ التعرّض لها يؤثّر سلبًا وبشكلٍ لا واعٍ على أحكامهم.

المراجع

  1. ^ أ ب ت "unconscious", Britannica, Retrieved 21/12/2022. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج "What Is the Unconscious?", Very Well Mind, Retrieved 21/12/2022. Edited.
  3. ^ أ ب "Psychodynamic Psychology", BC Campus, Retrieved 21/12/2022. Edited.