مفهوم الاستبصار في علم النفس
يمكن تعريف الاستبصار (بالإنجليزية: Insight) وفقاً لعلم النفس بأنه القدرة على الرؤية الفورية للموقف من منظور أوسع، وامتلاك القدرة على إيجاد الحلول البديلة وغير المتوقعة للمشكلة الحالية، وذلك يشمل أيضاً فهم البنية الداخلية لظاهرة أو عملية معينة.[١]
كما يمكن تعريف الاستبصار بأنه امتلاك القدرة على فهم النفس ومعرفة الذات، ومعرفة كل من القدرات والاستعدادات، ودوافع السلوك والانفعالات، والعوامل المؤثرة فيها، كما أنه يشمل معرفة مصادر المشكلات والاضطرابات، وإمكانية حلها، ومعرفة نقاط القوة والضعف لدى الفرد، والإيجابيات والسلبيات.[٢]
وعادة ما يُشار إلى الفهم العميق للفرد أو الشيء باسم البصيرة أو الاستبصار، وهو من المصطلحات المستخدمة بشكل متكرر في علم النفس والعلوم المعرفية، وهو يعتبر أساسًا مهماً للعديد من الإجراءات العلاجية، ومكونًا مهمًا في حل المشكلات واتخاذ القرار، ومن المصطلحات المتعلقة به في علم النفس المصطلح المعروف باسم "لحظة البصيرة" أو "لحظة يوريكا" الذي يصف لحظة الإدراك أو الفهم المفاجئ لمشكلة معينة لم تكن قابلة للحل فيما سبق.[٣]
تاريخ مفهوم الاستبصار في علم النفس
ولتوضيح مفهوم الاستبصار أجرى عالم النفس كولهر عدة تجارب على الشمبانزي وضع من خلالها صندوقاَ وموزة معلقة على شجرة مرتفعة جدًا، بحيث لا يمكن الوصول إليها عبر القفز فقط، وكان على الحيوان وضع الصندوق والوقوف عليه للوصول إليها، وخلال الفترة الأولى من الوقت لم يتمكن الشمبانزي من حل هذه المشكلة وفهم كيفية الوصول إلى الموزة، ولكن بعد مرور فترة من الوقت والنظر والتفكير تمكن الشامبانزي من ملاحظة وجود الصندوق، والوقوف عليه، وبالتالي الوصول إلى الموزة، لتكون هذه القصة مثلاً على الاستبصار لدى الكائنات الحية في علم النفس؛[١]إذ أدرك الشامبانزي الحل للمشكلة بشكل مفاجئ دون تدريج.[٣]
أهمية مفهوم الاستبصار في علم النفس
تكمن أهمية الاستبصار بشكل عام في توليد القدرة على الإبداع وحل المشكلات، أما في مجال علم النفس فإن فهم سلوكيات المرء، ومشاعره، وأفكاره تمثل الخطوة الأولى في التغيير؛ لذا تعد البصيرة مهمة في العديد من الأساليب العلاجية النفسية، كما يمكن لاكتساب البصيرة أن يؤدي إلى تنمية الشخصية وتقوية العلاقات بين الأفراد، وتحقيق مستويات أعلى من الرضا عن النفس وعن الحياة بشكل عام.[٣]
كما يمكن لمبادئ البصيرة أن تؤدي إلى تحسين فهم الأفراد لأنفسهم وتجاربهم، وتعزيز قدراتهم على حل المشكلات وعلى التفاعل مع الآخرين، كما يمكن لاكتسابها أن يؤدي إلى تحسين النفسية وتعزيز التطور الشخصي.[٣]
وهي تساعد على فهم وتقبل الذات، وإعادة تنظيم مفهوم الذات، وفهم الواقع وتقبله في حدود العقل والمنطق، كما أن الاستبصار يساعد على تنمية الإرادة التي يمكن من خلالها حل المشكلات، والسيطرة عليها، والاستفادة من الماضي والحاضر في التخطيط للمستقبل، وهو يساعد على الاستفادة من الأخطاء، وتحويل نقاط الضعف والسلبية إلى مصادر قوة إيجابية.[٢]