مفهوم المدرسة الوظيفية
المدرسة الوظيفيّة في علمِ النَّفس (بالإنجليزيّة: Functionalism) هي إحدى نظريّات علم النّفس -أسَّسَها العالِم ويليام جيمس- تُؤمن أنّ الحالات العقليّة والشعوريّة للفرد ينبغي أن تُدرَسَ ضمنَ علاقتِها بسلوكِه وتصرُّفاتِه واستجاباتِه الجسديّة عليها، وتأثيرها المباشر وغير المباشر على مدى تكيُّفِه مع بيئتِه، لا أن يُبحَثَ فيها بشكلٍ مجرّد.[١]
معنى ذلك مثلًا أنّ مشاعرَ مثلَ: الألم والرّغبات والذّكريات هي حالات عقليّة ينبغي أن تُفهَم بناءً على تأثيرها في سلوكِ الفرد، لا أن تُحَلَّل وتُفَسَّر وحدَها كمشاعر مستقلّة عن البيئة والسّلوك؛ إذًا فهي حالاتٌ مختلفة من الوعي المرتبطة بالأفعال.[١]
تاريخ ظهور المدرسة الوظيفية
ظهرت المدرسة الوظيفيّة في أواخرِ القرنِ التّاسع عشر في الولاياتِ المتّحدة الأمريكيّة، كردّة فعل على المدرسة "البنيويّة" بشكلٍ أساسيّ، حيث أوْلَى الوظيفيّون أهميَّةً للفكر التطبيقيّ التجريبيّ العقلانيّ، واتّجهوا إلى دراسةِ قدراتِ العقل أكثرَ من اتّجاههم إلى النّظر في آليّة عمليّة التّفكير نفسها، من خلالِ الجَمع بين الدراسة النظريّة والتطبيقيّة في آنٍ معًا،[٢] بينما ركّز البنيويّون على دراسة العقل والوعي والتّفكير عن طريق التّأمل الذاتيّ.[٣]
مبادئ المدرسة الوظيفية
تتمثَّلُ أهمّ مبادئ الوظيفيّة بالنّقاط الآتية:[٣]
- تفسّر العمليّات العقليّة البشريّة بمنهجٍ علميّ بدلًا من التّأمل.
- تسلّط الضّوء على أهميّة الفروق الفرديّة من خلال استخدامِها اختبارات الذّكاء ونماذج الشخصيّة.
- تطبّق الطريقة الإحصائيّة في دراستِها للعقل وفتحت الطّريق لظهور تيّارات لاحقة مثل: السلوكيّة والإدراكيّة.
أبرز منظري المدرسة الوظيفية
برزَت مجموعةٌ من علماء النّفس ممّن أسَّسوا لهذه النظريّة وطوَّروها، ومن أهمِّهم:
- عالِم النّفس والفيلسوف الأمريكيّ ويليام جيمس: كان مِن أوائل الذين دافعوا عن الوظيفيّة، يُؤمن جيمس أنّ العقل ينبغي أن يُفهم في إطار علاقتِه مع العالم، ورفضَ النظريّات التي دعت إلى تحليل الوعي كبنية داخليّة مستقلّة.[١]
- عالِم النّفس الأمريكيّ إدوارد ثورندايك: يرى ثورندايك أنّ أنماط السّلوك البشريّ تنشأ بسبب وجود روابط عصبيّة بين المحفزات والأفعال المحدّدة، وبناءً على ذلك فإنّ الوعي لا يتكوّن من أفكارٍ مستقلّة بذاتِها، إنّما هو استجابة تقليديّة للمحفّزات المختلفة التي تشكّلت تراكميًّا في حياة الفرد.[١]
- عالِم النّفس والفيلسوف الأمريكيّ جون ديوي: قدَّم ديوي ورقة بحثيّة عنوانُها "مفهوم القوس الانعكاسي في علم النفس" عامَ 1896م، وكانت أوّل ورقة بحثيّة ترسّخ فكرة قابليّة النظريّة الوظيفيّة للتطبيق.[٤]
- عالِم النّفس الأمريكيّ هارفي كار: عُدَّ كار مركزًا للمدرسة الوظيفيّة بين عامَيْ 1926م - 1938م، واشتُهر بتجربته "Kerplunk" التي أجراها بالاشتراك مع جون واطسون، وهي عبارة عن اختبار تحفيز واستجابة أجرِيَ على الفئران.[٤]
الفرق بين المدرسة الوظيفية والبنيوية
المدرسة البنيويّة مدرسةٌ فكريّة ألمانيّة أسَّسها إدوارد ب تيتشنر،[٢] تحمِلُ أفكارًا مُعارِضة لأفكارِ المدرسة الوظيفيّة؛ فهي تُؤمن أنّ العمليّات العقليّة البشريّة يُمكن فهمها عن طريق تقسيمها إلى مكوّنات بسيطة لغايةِ تحليلِها عن طريق استبطان الظّاهرة العقليّة وفحصها بتجرُّد عن أيّة عوامل أخرى قد تؤثّر فيها، ما يجعل الرّغبات والميولات والمشاعر المعقّدة أكثر قابليّة للفهم.[١]
من جانبٍ آخر، رفضت الوظيفيّة منهج الاستبطان، واتّجهت إلى دراسة السّلوكيّات الأكثر موضوعيّة، وركّزت على آليّة عمل العقل ضمن بيئاتٍ خارجيّة مختلفة، وبذلك يكون مجال دراستها أكثر شموليّة، من خلالِ فهمها للعقل في ضوء عوامل أخرى مؤثّرة على عمليّاته واستجاباته.[١]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح "Functionalism in Psychology | Overview, Perspectives & Theorists", Study, Retrieved 7/3/2023. Edited.
- ^ أ ب "functionalism", Britannica, Retrieved 7/3/2023. Edited.
- ^ أ ب "Functionalism (psychology): origin, characteristics and representative authors", warbletoncouncil, Retrieved 7/3/2023. Edited.
- ^ أ ب "Functionalism", The Decision Lab, Retrieved 7/3/2023. Edited.