التعلق بشخص في علم النفس: على ماذا يدل؟

علامَ يدل التعلق بشخص ما؟

يُشيرُ علمُ النَّفس التنمويّ في نظريَّةِ التعلُّق (Attachment Theory) إلى سببِ تعلُّق الفرد بأشخاصٍ آخرين؛ إذ تقول هذه النظريَّة إنّ الإنسان يُولَد وهو بحاجةٍ فطريَّة إلى تكوين روابط عاطفيَّة مع محيطه تتطوَّر معَ تقدُّمِ الأيَّام، ويعتقد المحلِّل النفسيّ البريطانيّ جون بولبي -مُطَوِّر نظريّة التعلُّق- أنّ التعلُّق ينشأ لتحقيق أحدِ هدفَين، هما: حماية الأفراد من التَّهديدات المحتمَلة، وتنظيم العواطف والسَّيطرة عليها بصورةٍ أفضل.^[١]

يَدلّ التعلُّقُ بشخصٍ ما في علمِ النَّفس على وجود رابطةٍ عاطفيَّةٍ عميقة يعيشُها أحدُ الطَّرفَين أو كلاهما اتّجاه بعضهما، وقد تُعَبِّرُ عن حالةِ حبّ، أو الحاجة إلى مصدر سعادة أو حِماية، أو تبادل الخبرات المختلفة، ويُشكِّلُ التعلُّق في سياقاتِه كافّة دورًا كبيرًا في تشكيل التجارب الإنسانيّة وتوجيهِها وفَهم طبيعة العلاقات الاجتماعيّة والإنسانيّة.^[٢]

أنواع التعلق في علم النفس

تختلفُ أنواعِ التعلُّق باختلافِ دوافعِه وطبيعتِه وسياقه، وتنقسم إلى أربعةِ أقسامٍ كالآتي:^[٣]

• التعلُّق الآمِن: ارتباطٌ إيجابيّ آمِن يُعبِّر عن علاقةٍ مُريحة.
• التعلُّق التجنبيّ: ارتباطٌ يسودُه شعورٌ بالرَّفض وعدم الارتياح للقُرب، الذي ينتج عادةً بسبب عدم فَهم طرف ما لاحتياجات الآخر.
• التعلُّق القَلِق: ارتباطٌ يَغلبُ عليه طابعُ القلقِ والانشغال وعدم الأمان.
• التعلُّق غير المنظَّم: أن يكون للفرد ارتباطاتٌ متعدِّدة مع أشخاص مختلفين بهدف تحقيق التّقارب، ثمّ ما تلبث أن تنشأ حتى يُقصيها بعيدًا عنه، غالبًا ما ينشأ هذا النّوع نتيجة التعرُّض لصدماتٍ عاطفيَّة في الطّفولة.

كيف أعرف ما إذا كان تعلقي صحيًّا أم غير صحي؟

يُمكنك تحديد ما إذا كان تعلُّقك بشخصٍ ما صحيّ أو غير صحيّ بأن تطرحَ على نفسِك الأسئلة الآتية، إذا كانت أغلبُ إجاباتك عنها سلبيَّة فغالبًا ما أنَّك تعيش نوعًا غيرَ آمنٍ من التعلُّق:^[٤]

• هل تُحافظ هذه العلاقة على حدودِك ومساحتك الخاصّة؟
• هل أنتَ راضٍ عن الطّريقة التي تَسير بها علاقتك وتتطوَّر وفقَها؟
• هل أنتَ قادر على التعبير عن احتياجاتك دون خجل أو تردُّد؟
• هل أنتَ مستعدّ لتلبية احتياجات الشّخص الآخر واحتوائها؟
• هل تجد أنّ الطرف الآخر راضيًا عن علاقتِه بك؟
• هل تتوقَّع أن يتحمَّل الطّرف الآخر مسؤوليّة عواطفك؟
• هل أنتَ قادر على التخلّي عن هذه العلاقة إذا كنتَ تعتقد أنّها تُؤذي نفسيّتك؟

كيف أميز بين التعلق والحب؟

الفاصلُ الرَّئيس بين التعلُّق والحبّ هو اختلافُ الدَّوافع الكامنة وراءَ كلٍّ منهما، ويُمكن ملاحظتها كالآتي:^[٥]

• عندما تُحبّ فإنّك لا تهتمَّ بأيّة معطيات في سياق العلاقة، إنّما أنتَ تُحِبَّ الشَّخص لذاتِه وجوهرِه وكينونيَّتِه، أمّا التعلُّق فهو يفرضُ شكلًا معيَّنا للعلاقة ومعطياتها وطبيعتِها.
• يتضمَّن الحبّ عطاءً ودعمًا تلقائيًّا غير مشروط، لا يحتاجُ فيه الطّرفان أن يضعانَه موضعَ المُطالبة والاستحقاق، أمّا التعلُّق فهدفُه الأساسيّ أن يُلبّي الطرف الآخر احتياجاتك وتشعر أنّها مدارُ اهتمامِه، فهي علاقة قائمة على حاجةٍ مشروطة من أحدِ الطَّرفين.