مفهوم قراءة الأفكار في علم النفس

مفهوم قراءة الأفكار

تَعني قراءةُ الأفكار في علم النّفس (بالإنجليزيّة: Mind reading) العمليّة التي يتمّ فيها إنشاء نماذج عقليّة صوريّة تتنبَّأ بما يُمكن أن يُفكّر فيه الآخرون أو يشعرون به أو يتخيَّلونَه، حيث يعتقد الشّخص أنّه قادر على الوصول إلى فِكر الآخرين وإدراكه خارجَ معطيات الحواسّ المألوفة، وتتضمّن قراءة الأفكار فهم الإشارات الدّقيقة الصّادرة من لغةِ الجسد وتعبيرات الوجه ونبرة الصّوت والعواطف التي يُبديها الشّخص الآخر.^[١]

إشكالية قراءة الأفكار

قد تتحوّل قراءةُ الأفكار -وما يتضمّنها من اعتبارها أساسًا في فَهم الآخرين- إلى نوع من أنواع التشوّهات المعرفيّة، وهي المُلابسات الذهنيّة التي تحدثُ في العقلِ الواعي نتيجة عدم توفّر معطيات المسألة الذهنيّة كاملة، السّبب في ذلك أنّ هذه القراءة قائمة على "افتراضات غير مؤكّدة"، فإن استجابَ لها وجعلها الشّخص ركيزةً في تقدير شخصيّات الآخرين ووجهات نظرهم، فإنّه قد يتوصّل إلى تنبؤات غير حقيقيّة تتعلّق بصورتِه لديهم، ما قد يؤدّي تبعًا لذلك إلى شعوره بالاكتئاب والقلق الاجتماعيّ.^[٢]

بالمقابل، يُمكنُنا اعتبار هذه المهارة وسيلةً فعّالة تمنحنا إشارات مبدئيّة حول سلوكيّات الآخرين اللفظيّة وغير اللفظيّة، نجد فائدتها ونلمس أهمّيتها في اللقاءات الاجتماعيّة الاعتياديّة.^[٢]

كيف يقرأ الناس أفكار بعضهم؟

تنطلق مهارة قراءة الأفكار من المعطيات الجسديّة والعاطفيّة التي يُبديها الآخرون لك، مثل لغة الجسد والكلمات المُختارة ووتيرة الكلام، إلّا أنّ هناك نقطة مركزيّة أكثر فعاليّة، وهي مبدأ التّعاطف، فأن تضع نفسك مكان الآخر وتُمَوسِق وجدانَك بكلَّيته مع وجدانِه، ذلك سيمنحُك حدسًا عاليًا بحقيقةِ مشاعرهم ورؤاهم الأساسيّة، ما يجعل تقييماتك العقليّة أقرب إلى الواقع منها إلى الافتراض.^[١]

أمثلة على قراءة الأفكار

إليك بعضُ الأمثلة المستوحاة من حياتنا اليوميّة على مهارة قراءة الأفكار:^[٣]

• يتناولُ شخصٌ ما وجبة العشاء مع مجموعةٍ من الأشخاص المقرّبين، ولاحظ أنّ أحدهم يبدو -في معاملته له بالتّحديد- هادئًا مُقِلًّا في الكلام بشكلٍ غير مألوف، يُمكن أن يفترض الشّخص الأول أنّه ينسحب من مواجهته إمّا لسوء فَهمٍ حاصل، أو لإشعارِه بوجود عتابٍ ضمنيّ.
• عندما يتجنَّب أحدُ زملاء العمل الحديث مع زملائه جميهم بصورةٍ غير اعتياديّة، في الوقتِ الذي قُرّرت فيه الزّيادات السنويّة، فقد تفترض أنّه لم ينل نصيبه منها، أو أنّه يعاني من أزمةٍ ماديّة أو مشكلة شخصيّة تشتّت تفاعله الاجتماعيّ.

كيف تحسن مهارة قراءة الأفكار؟

يُمكنك تعزيز مهارتك في قراءة الأفكار على النّحو الآتي:^[٤]

• تحسَّس مواطنَ الألم ونقاطَ الضّعف لدى الآخر؛ إذ إنّ بناء علاقة شخصيّة معه يفتحُ لكَ نافذةً مُشرَعة لفهمه.
• دقّق الملاحظة في السّمات الشخصيّة الفرديّة لتتعرّف على دلالة الإشارات الجسديّة والتعبيريّة.
• التقط ما تقوله العيون، عندما تنظر إلى أعلى أو أسفل، أو بطريقةٍ خاطفة أو ثابتة.
• كن منصِتًا جيِّدًا لما يقولُه الآخرون، وميّز بين طبيعة الصّوت التفاعليّ والسّاكن والشّغوف والمُحبَط والمتسرّع والهادئ وذي الوتيرة البطيئة والسّريعة.