مفهوم التناقض
يُعرَف التّناقض في علمِ النّفس (بالإنجليزيّة: Contradiction) أنّه وجودُ تنافرٌ بين فكرتَين مجتمعتَيْن معًا لكنّهما متناقضتَيْن أو معتقدَيْن مختلفَين أو بينَ سلوكيّات الفرد ورغباته،[١] ويُشار إلى هذا الاختلاف بمصطلح التّنافر المعرفيّ (Cognitive dissonance) الذي ابتكَرَه عالمُ النّفس الاجتماعيّ ليون فيستينجر عامَ 1957م.
يقول فيستينجر في كتابِه الذي يحملُ عنوانَ "A Theory of Cognitive Dissonance": إنّ التّناقض يحدث عندما تجتمع فكرتان ذات قطبين مختلفَين لكن تتدفّق منهما أفكار متوائمة منطقيًّا تجعل منهما مترابطتَين باطنًا متنافرتَين ظاهرًا،[٢] بالمقابل يسعى الأفراد إلى تحقيقِ التّوازن النفسيّ الداخليّ، إلّا أنّهم قد يحظون براحةٍ نفسيَّة عندما يُناقِضون أنفسَهم، بالتّالي قد يلجأون إلى تبرير طريقة تفكيرِهم أو يتجنّبون المعلومات المتناقضة التي تزيد من حجم التّنافر المعرفيّ.[٣]
أسباب التناقض
يحدثُ التّناقض نتيجةً لأحدِ الأسبابِ الآتية:[٢]
- الامتثال القسريّ: يَعني أن يتصرَّف الفرد بشكلٍ مُعاكِسٍ لِمبادئه وقِيَمِه أو بشكلٍ لا يتّفق معَه تمامًا تجنُّبًا للإساءة أو خوفًا من التنمُّر أو اتِّباعًا لقوانين المكانِ المتواجد فيه.
- محدوديّة الخيارات: يضطرّ الفرد إلى مناقضةِ نفسِه عندما يجد أنّه محصورٌ بخياراتٍ محدَّدة، وقد لا تتوافق هذه الخيارات مع مبادئه، إلّا أنّه مضطر لِأن يحسم قراره بناءً عليها.
- تقدير الجُهد: يُبدي الأفراد تقديرًا عاليًا للأشياء أو الأفكار التي لا تنتمي إلى أفكارِهم لمجرَّد أنّهم كانوا مضطرين -لسببٍ ما- إلى العمل عليها؛ نظرًا لكونِهم بذلوا جهدًا شاقًّا عليها، كأن ينظر شخص ما إلى مَهَمَّة خطيرة بشكلٍ إيجابيّ تقديرًا لِجُهده فيها وإتمامِها بأكملِ وجه.
عوامل تحديد درجة التناقض
يَعني مصطلح "درجة التّناقض" إلى حجم الانزعاج والضّيق الذي يحدث للشّخص نتيجة شعورِه بالتّناقض مع ذاتِه، وتتحدَّدُ هذه الدّرجة وفقًا للعوامل الآتية:[٣]
- أهميّة الإدراك: تعتمد أهميّة الإدراك على العلاقة القائمة بين القيمة التي يمنحُها الشّخص للأفكار المتناقضة، فعندما ينظرُ إلى فكرتين متنافرتَين بتقديرٍ وأهميَّة واحدة، ستصبح مَهمّة إقرار الأولويّة بينهما صعبة، بالتّالي ستكون درجة تناقضه أعلى.
- نسبة الإدراك: كلّما نقصَ إدراك الفرد وقلَّ انتباهه للتدفّق المنطقي الذي يحدث بين الأفكار المتناقضة ويبرّر اجتماعها وارتباطها معًا، احتفظَ باتّزان داخليّ واتساق فكريّ أعلى، بالتّالي ستقلّ درجة تناقضه.
آليات الدفاع النفسي ضد التناقض
تنقسم آليّات الدّفاع النفسيّ لدى الفرد في مواجهتِهِ لتناقضِه إلى الآتي:[٢]
- التجنّب: يَعني الابتعاد عن الأشخاص أو الأفكار التي تُذكِّره بتناقض أفكارِه وصَرف انتباههم عنها.
- نزع الشرعيّة: يَعني دَحض وجود التّناقض وإنكار أدلّته حتّى لا يُتَّهم بكونِه غير جدير بالثّقة مثلًا أو يفتقر إلى المبادئ الواضحة.
- الحدّ من التّأثير: يَعني أن يضع الفرد حدًّا للضّيق الذي يشعر به نتيجة تناقضه مع ذاته، كأن يُقلّل من أهميّته أو يُبرّر لنفسِه هذا السّلوك بحجج منطقيّة.
كيفية التخلص من التناقض
يُمكن التخلّص من التناقض تدريجيًّا باتّباع النّصائح الآتية:[٤]
- تغيير الاستجابات السلوكيّة التي تنشأ عن تنافر الأفكار.
- رفض أيّة أفكار تتعارض مع القيم الجوهريّة الثابتة.
- التقليل من أهميّة وجود تناقض وتحسين نظرة الفرد إلى ذاته.
المراجع
- ↑ "self-contradiction", APA Dictionary of Psychology, Retrieved 12/3/2023. Edited.
- ^ أ ب ت "Cognitive dissonance: What to know", Medical News Today, Retrieved 12/3/2023. Edited.
- ^ أ ب "Cognitive Dissonance", Lumen, Retrieved 12/3/2023. Edited.
- ↑ "Cognitive Dissonance: What Happens When Reality Trumps Perception", mediumM, Retrieved 12/3/2023. Edited.