يعد علم النفس التربوي من أكثر فروع علـم النفس تطورًا وانتشارًا، نظرًا لارتباطه بالعملية التربوية ومجالات التعلم والتعليم، ويساعد علم النفس التربوي على تحسين العملية التربوية ودراسة سلوك المتعلم لتنمية شخصيته وتطويرها، كما أن علم النفس التربوي يعتبر وسيطـًا بين علم النفس والتربية لاهتمامه بالجوانب التربوية واتصاله بالقوانين والمفاهيم النفسية في مجال علم النفس.

نشأة علم النفس التربوي

ظهر علم النفس التربوي بشكل واضح مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لكن أصوله تمتد إلى حقبة زمنية بعيدة، لاعتباره من مجالات علم النفس بشكل عام، كما أنه علم تطبيقي يهدف إلى الاستعانة بالحقائق السيكولوجية لتحقيق مقاصد المؤسسة التعليمية، وبنظرة تاريخية إلى إسهامات العلماء في علم النفس التربوي، فقد كان للفيلسوفان الأمريكيان "وليم جيمس" و "جون ديوي" دور مهم في في توضيح معالم علم النفس التربوي، ويعتبر كتاب جيمس مبادئ علم النفس من الإسهامات العظيمة لكتب علم النفس وكذلك كتاب أحاديث إلى المعلمين من العلامات الهامة في مجال علم النفس التربوي.


وعلى مستوى القرارات الدولية المهتمة بتطبيق مبادئ العلم الحديث في التربية، عقدت الجمعية التربوية عام 1888 في الولايات المتحدة الأمريكية اجتماعًا صدر فيه قرار باعتبار علم النفس التربوي مادة ملزمة وضرورية لإعداد المعلمين، ومنها كانت الانطلاقة ليكون علم النفس التربوي تخصصًا جامعيًا رئيسيًا في بداية القرن العشرين، وتأتي أهمية دراسته للتدرب على مهارات قياس القدرات والتحصيل في المواضيع الدراسية عوضًا عن الاعتماد على الملاحظات غير الدقيقة.[١][٢]


أهداف علم النفس التربوي

كغيره من العلوم الأخرى، يركز علم النفس التربوي على تحقيق هدف الفهم والتنبؤ والضبط للظواهر التربوية، وتعد هذه الأهداف العامة لعلم النفس التربوي، حيث يمكن استنتاج هدفين خاصين يتحتم على علم النفس التربوي أن يحققهما من خلال الفهم والتنبؤ والضبط، ويتركز الهدف الأول وهو الهدف النظري على توليد المعرفة المستندة إلى مناهج البحث العلمي لتشمل مواضيع علم النفس المتنوعة كالتعلم، والدفاعية، والفروق الفردية، والذكاء والخصائص النمائية للمتعلمين.


أما الهدف التطبيقي فيتمثل دوره في نقل المعرفة العلمية من خلال النظريات والمبادئ والقوانين العلمية إلى مجالات علم النفس التربوي، ليتمكن المعلم من الاستفادة منها وتطبيقها داخل الغرفة الصفية، مثل أن يقوم المعلم بتطبيق جداول التعزيز في الغرفة الصفية أو تمكين الطلاب بمهارات التفكير العليا.


وبهذه الأهداف الخاصة لعلم النفس التربوي يمكن سد الثغرة الموجودة بين النظرية والتطبيق، لأن المعلم أو المربي يضمن بهذين الجانبين الاستفادة المحضة من علم النفس التربوي وعدم القلق من اعتباره علم نفسي بحت ولا تطبيقي فقط كفن التدريس بل يكون بمركز وسط بينهما.[٣]


مكونات منظومة علم النفس التربوي

تأتي الأهمية من وجود هذه المكونات لتزويد المعلم بكافة المعلومات التي تمكنه من أداء دوره التعليمي بشكل مناسب واتخاذ القرارات المناسبة داخل بيئته التعليمية، ومن هذه المكونات ما يأتي:

  • الأهداف التربوية: وتمثــل ما يسعى المعلم إلى تحقيقه من المراحل التعليمية داخل الغرفة الصفية.
  • المدخلات التربوية: تشمل ما يستخدمه المعلم مع المتعلمين من أدوات ووسائل مساعدة للعملية التعليمية.
  • عملية التعلم: وهي أهم الإجراءات المُتبعة لتحقيق الأهداف التربوية وما يلزمها من استخدام للوسائل والتجهيزات التعليمية.
  • المخرجات التربوية: النتائج التي تحققت في العملية التعليمية ومعرفة التغيرات التي طرأت على المتعلمين.
  • التقويم التربوي: قياس مدى نجاح العملية التعليمية كاملة ويكون التقويم بمرحلتين قبلية وبعدية.


موضوعات علم النفس التربوي

تنوعت موضوعات علم النفس وذلك حسب ظهور التحديات التعليمية وحاجة المعلم لحلول لها بما يتناسب مع البيئة التعليمية وهذه أبرز الموضوعات:[٤]


الخصائص النمائية للمتعلم

يدرس هذا الموضوع مراحل النمو الانساني وما يؤثر على علمية النمو المختلفة خاصة المجالات المعرفية، والإجتماعية، والجسدية والانفعالية. كما يهتم بتوظيف الخصائص النمائية في عملية التعلم مراعيًا بذلك الفروق الفردية بين المتعلمين في الغرفة الصفية الواحدة، ويركز هذا الموضوع على تطوير قدرات المتعلم في التفكير المتقدم وقدرته على حل المشكلات.


عملية التعلم

تهتم بنظريات التعلم وطبيعته وشروطه وما يؤثر فيه، والنتائج خلال الفصول الدراسية، وذلك لأن التدريس الجيد يحتاج فهم جيد لعملية التعلم وكيفية حدوثها والظروف المرافقة لها، ويقود ذلك إلى التعلم الفعال المهتم بإحداث تغيرات فعالة للسلوك الإنساني ضمن ظروف بيئية ناجحة وموجهة بشكل جيد.


دافعية التعلم

يركز هذا الموضوع على تأمين مناخ ملائم لعلمية التعلم بما تتطلبه من رغبة وحزم لحدوثها خصوصا من جانب المتعلم، وتوفير البيئة المناسبة التي تعمل على إثارة اهتمام المتعلم بالعملية التعليمية ككل مما ينعكس على تغير سلوكه، ومن خلال وسائل تعليمية مساندة لاستثارة تفكير الطلاب أو المتعلمين.


بيئة التعلم

من الضروري في هذا الجانب إنشاء بيئة تعليمية لضمان حدوث التعليم الفعّال وخلق جو تسوده الإيجابية بين المتعلمين واستخدام كافة الوسائل التعليمية من حوافز وضبط للغرفة الصفيّة وضمان علمية اتصال ناجحة داخلها.


الفروق الفردية بين المتعلمين

يُراعي في هذه النقطة وجود فروقات واختلافات بين المتعلمين من حيث الذكاء والخصائص الشخصية والجسدية والانفعالية، ويعود ذلك لاختلاف عوامل الوراثة والبيئة المحيطة بكل متعلم، ويتطلب من المعلم حينها أن يراعي تعزيز البرامج المستخدمة ليتمكن كل متعلم من إتقان عملية التعلم.


قياس وتقويم عملية التعلم

يعتبر هذا الجزء من أهم موضوعات علم النفس التربوي لأنه يقيس مدى نجاح مخرجات عملية التعلم وتقييمها وما يتطلب لإصلاحها وتطويرها نحوالأفضل، كما تهتم بجمع وتوفير التغذية الراجعة من المتعلمين وأولياء أمورهم.

المراجع

  1. عبدالسلام أحمد الشيخ ، النفس في مجال التعليم المدرسي.pdf علم النفس في مجال التعليم المدرسي، صفحة 4. بتصرّف.
  2. ابتسام صاحب موسى الزويني (11/9/2018)، "لماذا ندرس علم النفس"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 27/12/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة مؤلفين، أسس علم النفس التربوي، صفحة 12. بتصرّف.
  4. مجموعة مؤلفين، أسس علم النفس التربوي، صفحة 342-348. بتصرّف.