مفهوم أحلام اليقظة
أحلامُ اليقظة هي عمليَّة تأمليَّة للرّؤى والخيالات والتصوُّرات، يُمارسُها الفرد أثناءَ يقظتِه كي يصلَ إلى حالةٍ من الإشباع على صعيدِ الخيالِ الشخصيّ، تسمحُ له أن يعيشَ في أفكارِه البعيدة، وأن يتخيَّل تحقُّقَ أحلامِه التي يَرجوها، وأن يستحضرَ في ذهنِه عوالمَ رمزيَّة ومواقفَ مُفتَرَضة غيرَ واقعيَّة، وهي إحدى الوسائلِ النفسيَّة التكيُّفيّة التي يُوظِّفُها لِاختبار تجاربَ غيرِ مفسَّرة، وعَيش أحداثٍ مستحيلة كما لو أنَّها تحقَّقت فعلًا.[١]
تُسبِّبُ أحلامُ اليقظة خَفضَ إدراكِ الفرد لِمحيطِه، فهي حالةٌ من حالاتِ الوعي المتغيِّرة المنفصلةِ شيئًا ما عن الواقع، ويُقال إنّها تحدثُ عندما يُواجهُ الأفراد نقصًا في التّحفيز الخارجيّ، ما يؤدّي غيابُ التّحفيز إلى تحويل الدّماغ لشبكةٍ افتراضيَّة تُنتِج أحلامَ اليقظة وتحفِّز حضورَها.[٢]
تعريف فرويد لأحلام اليقظة
عرَّف سيجموند فرويد -مؤسِّس علم النّفس الحديث- أحلامَ اليقظةِ أنّها حالةٌ يَعيشُها الفرد بِقصد تحقيقِ رغباتِه والتَّعبيرِ عن أحلامِه وإشباعِ حاجاتِه النفسيَّة المَكبوتة، التي تمَّ قمعُها في الماضي أو الحاضرِ بسببِ المجتمع أو طبيعة التنشئة الأسريّة، وعدَّها حالةً تقعُ بينَ مرحلَتَي النّوم واليَقَظة.[١]
بينَما أجرى عالمُ النّفس إريك كلينجر عامَ 1980م دراساتٍ تناولَت مسألةَ أحلام اليقظة، واستخلصَ مِن ذلك أنّها غالبًا ما يكونُ موضوعُها الأحداثَ اليوميَّة الاعتياديّة التي يمرُّ بها كلُّ شخص خلالَ يومِه، كأن يستخدمَ الموظَّفُ المنهمكُ في وظيفةٍ ذي طبيعةٍ رَتيبةٍ أحلامَ اليقظةِ للتَّخلُّصِ من المَلل والكَسل الذي يُواجهُه أثناءَ عملِه الروتينيّ، وبشكلٍ عامّ، لم يضعْ علماءُ النَّفس تعريفًا ثابتًا موحَّدًا لأحلامِ اليقظة.[١]
أنواع أحلام اليقظة
قسَّمَ عالمُ النَّفسِ الأمريكيّ جيروم سينجر أحلامَ اليقظةِ إلى قِسمَين أساسيَّيْن، هما:[٢]
- أحلامُ اليقظةِ الإيجابيَّة البنّاءة: تتكوّن من تصوُّراتٍ إيجابيَّة تُعَزِّز النّفس وتُحفِّز الإبداع، كأن يتخيَّلَ الشَّخص أنّه يعزفُ العودَ وسطَ أحبَّائه وأصدقائه المقرَّبين، أو أنَّه يتناولُ العَشاء مع شخصٍ عزيزٍ في سياقٍ مُريحٍ.
- أحلامُ اليقظةِ المشوَّهةِ بالذَّنب: تتكوَّنُ من تصوُّراتٍ سلبيَّةٍ غير مرغوبٍ فيها تتضمَّنُ مشاعرَ الخوفِ والقلقِ والغضب والذّنب، كأن يتخيَّلَ الشّخص وقوعَ حدثٍ يَخشاه، أو أنّه ينتقمُ من شخصٍ أذاه في الواقعِ المحسوس، وغالبًا ما تُشير إلى الإصابةِ بالعُصاب، وهو اضطرابٌ توتّريّ قد يظهرُ على شكل هوس أو توهّم أو قلق.
فوائد أحلام اليقظة
إنّ ، أحلامُ اليقظةِ وسيلةٌ تنفيسيّة بنّاءة، وقد تلحق الضَّرر بالشّخص إذا كانت تصوُّراتها سلبيَّة ومتكرِّرة على مدى طويل، أمّا الأحلامُ التي يُوظّفها ضمنَ سياقٍ معقولٍ وتصوُّراتٍ إيجابيّة فإنّها ستعودُ بالنَّفعِ عليه إيجابًا،[٣] ومن ذلك أنَّها:[٤]
- تُخفِّف من علاماتِ التوتّر والقلق والإجهاد النفسيّ.
- تُسهِمُ في حلّ المُشكلات، بِتصوُّرِها ووضعِ احتمالاتٍ وحلولٍ حولَها، والتوصُّل أخيرًا إلى الحلّ.
- تُنشِّطُ مناطقَ مختلفة من الدّماغ المسؤول عن إنتاجِها واستحضارِها.
- تُساعدُ في تحقيقِ الأهداف على أرضِ الواقع، فهي شكلٌ من أشكالِ الممارسةِ المعرفيَّة الموجَّهة.
- تفتحُ آفاقَ الإبداعِ والابتكار؛ لِما تفرِضُه من اختبارِ أفكارٍ مختلفةٍ.
مثال على أحلام اليقظة
تُسافرُ ليلى حقيقةً إلى دولةٍ ما بهدفِ إلقاءِ محاضرةٍ علميّة أمامَ جمعٍ من الطّلاب والأكاديميّين، أثناءَ رحلتِها على متنِ الطّائرة، تبدأ ليلى بتخيُّلِ نفسِها على خشبة المسرح ومشاعر القلق التي تتملَّكها حينها، وتتصوَّر خطَّ سيرِ المحاضرة، وتضعُ افتراضاتٍ لاستجاباتِ الحاضرين، وتتوقَّع أسئلتهم وإجاباتِها عنها، ثمّ تتخيَّلُ أنّها تحرَّرت من توتُّرِها بعدَ دقائق من بَدء العَرض، ثمّ ينتهي تصوُّرها بتخيُّلِ أصواتِ التّصفيق وإبداءِ الحاضرينَ إعجابَهم بالمحاضرة.[٢]
المراجع
- ^ أ ب ت "What is Daydreaming in Psychology? - Positive and Negative Effects of Daydreams on Humans", The Scientific World, Retrieved 8/2/2023. Edited.
- ^ أ ب ت "Daydreaming: How and Why People Daydream?", Study, Retrieved 8/2/2023. Edited.
- ↑ "Positive and Negative Effects of Daydreaming", Everyday Health, Retrieved 8/2/2023. Edited.
- ↑ "5 Positive Effects of Daydreaming", Very Well Mind, Retrieved 8/2/2023. Edited.