مفهوم الشخصية عند المدرسة السلوكية

تُعَرَّفُ الشخصيّة وفقًا للمدرسة السلوكيّة أنّها نِتاج البيئة التي ينشأ فيها الفرد، إذ إنّه يكتسبُ سلوكاته واستجاباته من خلال تفاعله مع محيطه والخبرة المكتسبة من تجاربه السّابقة، وليس للعقل الواعي أو لعمليّاتِه الذهنيّة الذاتيّة دورٌ في تحديدِ سلوكِه أو تشكيله.[١]


فشخصيّة الفرد تستمدّ هويّتها من البيئة الخارجيّة ومن الظّروف التي عاشتها منذ لحظة ولادته، فهي إذًا محكومة من الخارج،[١] وأنّ سلوكَه لا يعدو كونه استجابة للمنبّهات البيئيّة.[٢]


رفضت المدرسة السلوكيّة فكرة وجود دور لوعي الإنسان في تكوين شخصيّته، تلك الفكرة التي تبنّتها المدرستان الوظائفيّة والبنيويّة، كما رفضت فكرة فرويد التي تربط بين العمليّات الداخليّة اللاشعوريّة وتأثيرها على سلوك الشخصيّة.[١]


وأكَّدت أنّ السّلوك البشريّ المرئيّ الذي يُمكن ملاحظته هو ما يجب دراسته، من كونِه قابلًا للقياس، ما يجعلُ اختبارَه ممكنًا علميًّا ومنهجيًّا، على عكس العمليّات النفسيّة التي لا يمكن اختبارها بشكلٍ تجريبيّ.[١]


مبادئ النظرية السلوكية في دراسة الشخصية

تتمثّل المبادئ العامّة للنظريّة السلوكيّة في دراستِها للشخصيَّة في النّقاط الآتية:

  • ملاحظة السّلوكات المختلفة للفرد -التي تعدُّها ثمرة الخبرات المكتسبة- ودراستها بتجرُّد عن الحالة النفسيّة.[٢]
  • المؤثّر الأساسيّ في سلوك الفرد هو البيئة التي نشأ فيها، والتّفاعل الحاصل بينَه وبين محفّزاتها.[٣]
  • سلوكات الفرد كافّة يتمّ تعلُّمها بالاكتساب، وإنّ التغييرات الحاصلة عليها متعلقة بالمواقف والأماكن التي تحدث فيها.[٤]
  • الرّبط بين محفّزين مختلفين أو أكثر لإنشاء استجابة جديدة مكتسَبة.[٣]


الشخصية من وجهة نظر علماء السلوك

تلتقي آراء العلماء السلوكيّين حولَ تعريف الشخصيّة في كثيرٍ من الجوانب، إلّا أنّهم اختلفوا في بعضِها، وتفصيل ذلك فيما يأتي.


بورهوس سكينر

ابتكر سكينر "نظريّة التكييف"، وقسّمها إلى جزأين: التكييف الكلاسيكيّ والفعّال، ويَعني التكييف الكلاسيكيّ تدريب الشّخص أو الحيوان على التصرّف بكيفيّة معيّنة في ظلّ وجود محفّزات محدّدة،[٤] وبذلك تُصبح للناس أنماط سلوكيّة ثابتة؛ أيْ أنّهم مع مرور الوقت يلتزمون طريقة معيّنة للتصرّف بناءً عليها، وتتطوّر هذه الأنماط أو تتغيّر عندما يكتسبونَ خبراتٍ جديدة.[٥]


أمّا التكييف الفعّال فهو يدرس احتماليّة تكرار هذا السّلوك، من خلال مبدأ العقاب والمكافأة، فإذا تمّت مكافأة السلوك وتحفيزه فمن المرجّح أن أن يتكرّر، أمّا إذا تمّت معاقبته فمن المرجّح أن يتضائل أو يتوقّف نهائيًّا، وقد أكّد نظريّته من خلال تجربته على أطفال عملوا بجدّ للحصول على المكافأة وتجنّب العقاب، وبهذا يفسّر سكينر السّلوك البشريّ.[٤]


ألبرت باندورا

يرى باندورا أنّ التكيُّف وحدَه ليس المحدِّد الأول للسلوك وليس مفتاحًا لتفسيره تفسيرًا دقيقًا، إنّما يرى أنّ الشخصيّة تنشأ عن طريق التعلّم والتفكير والاستدلال والملاحظة وغيرها من العمليّات المعرفيّة،[٥] وقد ابتكر "النظريّة المعرفيّة الاجتماعيّة" التي تنصّ على أنّ تعلُّم الفرد يكون في نطاق التفاعلات الاجتماعيّة، وأنّ التبادل والتأثير والتعزيز جميعها عوامل تؤثّر في عمليّة التعلّم والسّلوك.[٤]


كما يرى أنّ الخبرات السّابقة للفرد، والبيئات التي سبقَ وانخرطَ فيها يمكن أن تفسّر بشكلٍ دقيق لماذا يتصرّف الفرد بالطريقة التي يتصرّف فيها، وكيف يمكن أن يتصرّف في المستقبل، وقد قسّم نظريَّته إلى خمسة عناصر، تشمل الآتي:[٤]

  • التعلّم القائم على الملاحظة.
  • الحتميّة المتبادلة.
  • الكفاءة الذاتيّة.
  • القدرة السلوكيّة.
  • التعزيز.
  • التّوقعات.


والتر ميشيل

يرفض والتر الفكرة القائلة إنّ للناس سمات شخصيّة ثابتة، لا تتغيّر مع مرور الوقت، أو حتى بمواجهة مواقف وخبرات جديدة، ويرى أنّ سلوك الفرد يمكن أن يتغيّر من موقفٍ إلى آخر،[٤] وقد يكون السلوك ثابتًا في حال كانت المواقف متشابهة، كما يضع في اعتباره أنّ للفرد تقديرًا معيَّنًا للموقف الذي يواجهه وللتصرف الذي ينبغي عليه القيام به حينها، فهو يستخدم عمليّاته المعرفيّة لتفسير الموقف ثمّ تحديد السّلوك المُناسب.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "Learning Approaches to Personality", Open Text WSU, Retrieved 13/12/2022. Edited.
  2. ^ أ ب "Behaviorist Approach", Simply Psychology, Retrieved 13/12/2022. Edited.
  3. ^ أ ب "Behaviorism", Euston, Retrieved 13/12/2022. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح "Behavioral Personality Theory: Background, Study & Application", Study, Retrieved 13/12/2022. Edited.
  5. ^ أ ب "Behaviorist Theories", Spark Notes, Retrieved 13/12/2022. Edited.