مفهوم الاحتضان
الاحتصانُ نوعٌ من التَّواصلِ البشريّ التفاعليّ غير اللفظيّ،[١] الذي يحدُثُ استجابةً للسِّياقات الاجتماعيّة المختلفة: الإيجابيّة، مثل: مشاعر النّجاح، والسّلبيّة، مثل: مشاعر الوداع والألم، والمُحايِدة، مثل: التحيَّات الرسميّة،[٢] يقول المؤلّف جوليان باكهايزر Julian) Packheiser): "السُّلوكُ المرتبطُ بالعناقِ يتأثَّرُ بالسِّياقِ العاطفيّ لموقفِ العَطاء ... وإنّ الخصائصَ الحركيَّة، مثل: استخدام كلتا اليدين تُحدّد مدى عُمق الاحتضان".[١]
سيكولوجية الاحتضان
يختلفُ سلوكُ العناق باختلافِ الموقفِ الاجتماعيّ الرّاهن، فهناك عناقٌ عميق يتضمَّنُ اتِّصالًا كثيفًا بالعين مرفقًا بالتّربيت والتّمسيد، ما يُفسح المجال للمتعانقَين لاكتسابِ انطباعاتٍ بصريَّة وسمعيّة ولمسيّة، وهناك عناقٌ خفيف يُمثِّلُ عتبةً تمهيديّة للسُّلوكِ الترحيبيّ، غالبًا ما يشملُ تقبيلَ الخدَّين ومصافحةً قصيرةً واتِّصالًا جسديًّا سريعًا.[٣]
عادةً ما يستخدمُ النَّاسُ في بدايةِ العناق إيقاعاتٍ جسديَّةٍ سلسة بين الشدّ والإرخاء، رغبةً منهم في إطالةِ العِناق، ثمّ ينتقلونَ منها إلى إيقاعاتٍ أكثرَ حدَّة، مثل: التّربيت الخفيف على الظّهر أو الأكتاف، إشارةً منهم إلى إنهاء العِناق، وهي لغةٌ غير لفظيّة مُتَّفَقٌ عليها ضِمنًا بين المُتَعانقَيْن، ويُعبِّر عنها اختلافُ التدفُّق اللمسيّ الذي من خلالِه يُؤدّي الأشخاص تفاعلَهم الاجتماعيّ، ويفهمونَ منه الفروقَ الديناميكيّة الدّقيقة لسيكولوجيّة الاحتضان واختلاف شكليَّات التّفاعل الاجتماعيّة، والتي تبني في وجدانِهم آلياتٍ تكيُّفيّة تواصليَّة.[٤]
المتغيرات النفسية التي تحدث أثناء الاحتضان
تُعَبِّر وضعيّة الجسم أثناء سلوك الاحتضان عن ارتباطاتٍ عاطفيَّةٍ مختلفة، فالعناقُ السَّريعُ الذي يَحدثُ بالتَّقابُل قد يعبِّر عن لفتةٍ وديَّة عاديّة، والعناق الطّويل قد يكونُ استجابةً رومانسيَّة، وسلوك الشدّ قد يُعبِّرُ عن التّقدير والاحترام وإشعار الطّرف الآخر بأهميَّةٍ خاصَّة.[٣]
وقد يكون سلوكُ الشدّ الخفيف دالًّا على موقفٍ نفسيٍّ حياديّ، أو مانحًا انطباعًا رسميًّا لا أكثر، وبالنّسبة للطّفل الصّغير، فإنّ الاحتضانَ المَتبوع بعباراتٍ تشجيعيّة مهمٌّ للغاية في تنشئتِه تنشئةً عاطفيَّةً سليمة؛ إذ يُعزِّز شعورَه بالثِّقة وجاهزيَّتِه النفسيَّة لمواجعة العالَم في الخارج.[٣]
العوامل المؤثرة على سلوك الاحتضان
ثمَّة عواملُ اجتماعيّة ونفسيَّة تؤثِّر في شكلِ الاحتضان وسيكولوجيّته، مثل: مدى الرّابطة العاطفيّة، وتوقيت آخر مُعانقة مَضَت، وإبداء شعور الامتنان أو الحِياد، ومَن مِن الطَّرفَين بدأَ في المعانقة؛ فهو سلوكٌ يأخذ جانبًا إيجابيًّا تفاعليًّا عندما يُبدي المُتعانِق تدفُّقًا لمسيًّا متواصلًا، وقد يتأثّر جودة الموقف الاجتماعيّ إذا اكتفى الطّرفان بالمصافحة دون عناقٍ.[٣]
إضافةً إلى أنّ انتقال الطّرفين بين سلوك العِناق والمصافحة الحياديّة في سِياقات مختلفة، قد يُعبِّر عن وجود نيَّة اجتماعيّة غير واضحة، وغالبًا ما تُؤثِّر طبيعة الاحتضان على الحوار اللاحق بين الطّرفين، حيث يفهم المُتعانق الحالة النفسيّة للطّرف الآخر من خلالِ خصائصه التحفيزيّة ومدى اختلاف إيقاعاتِه الجسديّة.[٣]
فوائد الاحتضان النفسية والصحية
يمنحُنا الاحتضان قوَّة نفسيَّة وصحيَّة، إذ تتمثَّل فوائدُه في النّقاط الآتية:[٥]
- تقليل مستويات ضغط الدّم ومشاعر التوتّر والقلق.
- تخفيف الألم الجسديّ؛ نتيجة إفراز الجسم مادّة الأوكسيتوسين (هرمون الحبّ) أثناء الاحتضان.
- تحسين جودة النّوم والتّقليل من اضطراباتِه.
- زيادة مستويات الأكسجين لدى الرّضيع وتهدئته.
المراجع
- ^ أ ب "Feelings determine from which side we embrace each other", RUB, Retrieved 19/1/2023. Edited.
- ↑ "Embracing your emotions: affective state impacts lateralisation of human embraces", Springer Link, Retrieved 19/1/2023. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "Meanings of Hugging: From Greeting Behavior to Touching Implications", Sage Journals, Retrieved 19/1/2023. Edited.
- ↑ "Psychology of the Embrace: How Body Rhythms Communicate the Need to Indulge or Separate", National Library Of Medicine, Retrieved 19/1/2023. Edited.
- ↑ "Health Benefits of Cuddling", WEB MD, Retrieved 19/1/2023. Edited.